قصة البحث عن الحق - 3
الفصل الثالث: التحوُّل - خطيتي وخلاص الله
لما درست القرآن وجدت أنه لا خطأ في أن أستشير أهل الكتاب، فهكذا أمر القرآن محمداً (يونس ١٠: ٩٤). فلماذا لا أستشير كتب أهل الكتاب، وهي مترجمة في لغتي التي أفهمها؟ لقد شعرت من قبل بجاذبية نحوها، لكن عندما بدأت أدرسها بعمق جذبتني كالمغناطيس، أو إن شئت فقل إنها كانت كالمصباح الذي يجتذب الفراشة.
«لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ
ٱلإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ
مَاذَا يُعْطِي ٱلإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟» (متّى ١٦: ٢٦).
يتحدث القرآن والكتاب المقدس عن جنة عاش فيها أبوانا الأولان، آدم وحواء، في توافق مع الله. وكانت علاقتهما بالله قريبة وشخصية، لأن الخطية لم تكن قد لطختهما بعد. وتقول الكتب جميعاً إن آدم وحواء كانا مسئولين أمام الله. لكن عندما عصيا أمره طردهما من الجنة، ولم يعودا إليها أبداً، كما لم يدخلها واحد من نسلهما. ومنذ ذلك الوقت صار الإنسان في صراع ضد الله وضد الآخرين وضد نفسه. ويروي الكتاب المقدس والقرآن معاً قصة سقوط الجنس البشري المحزنة.
ولكن هل يهتم الله حقاً بعصيان الإنسان وما نتج عن ذلك، أو هل يبقى الله بعيداً عن ذلك كله لا يهتم به؟ فإن كان لا يهتم، فلماذا أرسل الهدى للبشر، ولماذا يكافئ الطائعين ويعاقب العصاة؟ ولماذا يرضى ويُسرّ بالخير ويغضب على الشر؟ أما إن كان الله يهتم، ألا يليق بنا أن نفكر في علاقتنا به. ولا نفكر فقط في أوامره التي عصيناها، بل أيضاً في صاحب الأمر الذي لم نستمع له؟
إني أدرك كيف يعيش البشر بوجهين، ويكيلون بمكيالين. وكنت أتمنى لو أن الله تغاضى عن عقاب عصياني. ولكني في قلبي كنت أدرك أنه يهتم ويعاقب العصاة، وهذا يعني أنه يريد أن يغفر لكل من يحس بالأسى والحزن على العصيان، لأن كسر أمر الله عصيان على الله نفسه. لقد كنت أدرك أني خاطئ ومريض روحياً، وأن خطاياي تضايق الله وتجعله يغضب. وكنت محتاجاً للتوبة وأن أختبر الغفران والعناية الإلهية الروحية. وفتشت وبحثت أكثر فوجدت أني محتاج أن أخلُص من نفسي الأمَّارة بالسوء، وأن أتغيَّر في الداخل. فإن كانت الدمامل عوارض لمرض داخلي، فإن الخطايا أعراض لمرض القلب الروحي.
يتحدث القرآن والكتاب المقدس عن جنة عاش فيها أبوانا الأولان، آدم وحواء، في توافق مع الله. وكانت علاقتهما بالله قريبة وشخصية، لأن الخطية لم تكن قد لطختهما بعد. وتقول الكتب جميعاً إن آدم وحواء كانا مسئولين أمام الله. لكن عندما عصيا أمره طردهما من الجنة، ولم يعودا إليها أبداً، كما لم يدخلها واحد من نسلهما. ومنذ ذلك الوقت صار الإنسان في صراع ضد الله وضد الآخرين وضد نفسه. ويروي الكتاب المقدس والقرآن معاً قصة سقوط الجنس البشري المحزنة.
ولكن هل يهتم الله حقاً بعصيان الإنسان وما نتج عن ذلك، أو هل يبقى الله بعيداً عن ذلك كله لا يهتم به؟ فإن كان لا يهتم، فلماذا أرسل الهدى للبشر، ولماذا يكافئ الطائعين ويعاقب العصاة؟ ولماذا يرضى ويُسرّ بالخير ويغضب على الشر؟ أما إن كان الله يهتم، ألا يليق بنا أن نفكر في علاقتنا به. ولا نفكر فقط في أوامره التي عصيناها، بل أيضاً في صاحب الأمر الذي لم نستمع له؟
إني أدرك كيف يعيش البشر بوجهين، ويكيلون بمكيالين. وكنت أتمنى لو أن الله تغاضى عن عقاب عصياني. ولكني في قلبي كنت أدرك أنه يهتم ويعاقب العصاة، وهذا يعني أنه يريد أن يغفر لكل من يحس بالأسى والحزن على العصيان، لأن كسر أمر الله عصيان على الله نفسه. لقد كنت أدرك أني خاطئ ومريض روحياً، وأن خطاياي تضايق الله وتجعله يغضب. وكنت محتاجاً للتوبة وأن أختبر الغفران والعناية الإلهية الروحية. وفتشت وبحثت أكثر فوجدت أني محتاج أن أخلُص من نفسي الأمَّارة بالسوء، وأن أتغيَّر في الداخل. فإن كانت الدمامل عوارض لمرض داخلي، فإن الخطايا أعراض لمرض القلب الروحي.
كل
من يقرأ القرآن يكتشف الآيات التي تصف رعب الجحيم، وملذّات أهل الجنة،
والطريق الذي يؤدي إلى الاثنين (سورة الحاقة ٦٩: ١٣ - ٥٢). ولم تكن الحياة
في هذا العالم والعالم الآتي مسألة دراسة أكاديمية بالنسبة لي، بل كانت
أمراً أصابني بالرعب من الآخرة التي تنتظرني. وبدأت أسأل: كيف أهرب من
الجحيم وأدخل الجنة؟ فهل قلق القارئ على مصيره الأبدي، وهل قرأ كلمة الله
ليجد طريق النجاة؟ لقد اندهشت أن كثيرين يتلون القرآن ككلمة الله ومصدر
الحكمة والمعرفة، ولكن قليلين منهم يقرأونه ليكلّمهم شخصياً عن مصيرهم
الأبدي. ولقد وجدت الآيات الآتية التي تتحدث عن خطية الإنسان وخلاص نفسه:
فإن كان الإنسان لا يمكن
أن يعرف مصيره الأبدي، فكيف أعرف أنا؟ وكيف أعرف الآن أو فيما بعد إن كان
إيماني وأعمالي مقبولين أمام الله؟ هل يقبل توبتي؟ هل يغفر خطئي؟ هل
يرحمني؟ فإن لم أكن أعرف، فما معنى توبتي وطلبي للغفران؟ لقد قرأت عن
الجحيم
«وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً»
(سورة مريم ١٩: ٧١). فكيف أهرب من هذا، حتى لو قمت بكل العمل الصالح؟ لقد
كُتب على كل إنسان أن يدخل الجحيم! وإذا كان عمر (وهو من المبشَّرين
بالجنة) يقول:
«لو أن رجلي الواحدة داخل الجنة، والأخرى خارجها، ما أمنت مكر الله» فما عساي أن أفعل أنا؟ (طبقات الشافعية للسبكي جزء ٣ صفحة ٥٦ من أسفل وتذكرة الأولياء للعطارج ٢ صفحة ١٧٨).
ويؤمن المسلمون أن القرآن هو معجزة الله العظيمة وبركته للبشر، ويقولون إنهم يجدون فيه الهدى. وحسناً يفعلون. لكن هل يتبعون هذا الهدى؟ وهل يعطيهم هذا الهدى تأكيد الله بخلاصهم الشخصي؟ لقد تألمت جداً لأني لم أجد في القرآن إجابة تشبع احتياجي. وفي يأسي تركت التفتيش والبحث، ولو أن عطشي الروحي كان يزيد وأنا أحاول أن أرويه من القرآن بغير فائدة.
- هناك آيات قرآنية كثيرة تشير إلى خطية الإنسان ونسيانه وعصيانه ونفاقه. وحتى لو كان للإنسان اسم حسن بين الناس، فإنه في داخله محتاج إلى التوبة والمغفرة. وهناك خطايا لا يمكن أن تكون لها مغفرة هي الشرك والكفر (النساء ٤: ١١٦). ومع أننا نغفر للآخرين، وقد يغفر الآخرون لنا لكن غفران الله لنا يتوقف عليه وحده (الحجر ١٥: ٤٩ ، ٥٠ وآل عمران ٣: ١٢٩ والنساء ٤: ١٧ ، ١٨).
- يرتبط دخول الجنة بالإيمان بالله والأعمال الصالحة (البقرة ٢: ٦٢). والإيمان بالله يعني الإيمان باليوم الآخِر والملائكة والكتب والرسل، خصوصاً خاتمة الأنبياء والمرسلين «محمد» وطاعتهم (البقرة ٢: ١٧٧). ويرتبط بالإيمان النطق بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. ويقول القرآن إن الدين المقبول الوحيد عند الله هو الإسلام (آل عمران ٣: ٨٥). ولذلك فإن الارتباط بالأمة الإسلامية سبب رئيسي للسعادة الأبدية.
- الله عادل، والبشر جميعاً مسئولون أمامه. وهم يتخذون قرارهم بأن يقبلوا هدى الله أو يرفضونه، وعليهم وحدهم يتوقف مصيرهم. «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُوا ٱلصَّلاَةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ» (سورة فاطر ٣٥: ١٨). نعم لا تزر وازرة وزر أخرى، فالله يرى ويسمع ويعرف كل عمل ولا يخفى عنه شيء ولا تغيب عن معرفته حقيقة، فالقرآن نذير لنا.
- ويوحي القرآن إلينا بإمكانية الشفاعة بإذن الله، ولكنه لا يذكر لنا تحت أي شروط تصبح هذه الشفاعة فعَّالة (الزمر ٣٩: ٤٤ ، سبأ ٣٤: ٢٣).
- الله غفور رحيم كما تقول كل السور (الزمر ٣٩: ٥٣، ٥٤ والأنعام ٦: ١٢).
- صحيح أن الله يهدي لكنه يُضلُّ أيضاً (الزمر ٣٩: ٢٣، ٣٦، ٣٧ والنحل ١٦: ٩٣ والإسراء ١٧: ٩٧). فالله صاحب السلطان الكامل على مصير الإنسان الأبدي وعلى الخليقة كلها. وعلى هذا فإن مصير الإنسان يتوقف على إرادة الله (الأنعام ٦: ١٥٠ والإسراء ١٧: ٥٤).
ويؤمن المسلمون أن القرآن هو معجزة الله العظيمة وبركته للبشر، ويقولون إنهم يجدون فيه الهدى. وحسناً يفعلون. لكن هل يتبعون هذا الهدى؟ وهل يعطيهم هذا الهدى تأكيد الله بخلاصهم الشخصي؟ لقد تألمت جداً لأني لم أجد في القرآن إجابة تشبع احتياجي. وفي يأسي تركت التفتيش والبحث، ولو أن عطشي الروحي كان يزيد وأنا أحاول أن أرويه من القرآن بغير فائدة.
في موعظة ألقاها كليم الله موسى قال:
«إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ
ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ تَجِدْهُ إِذَا ٱلْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ
وَبِكُلِّ نَفْسِكَ. عِنْدَمَا ضُيِّقَ عَلَيْكَ وَأَصَابَتْكَ كُلُّ
هٰذِهِ ٱلأُمُورِ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ، تَرْجِعُ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلٰهِكَ
وَتَسْمَعُ لِقَوْلِهِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ إِلٰهٌ رَحِيمٌ، لاَ
يَتْرُكُكَ وَلاَ يُهْلِكُكَ وَلاَ يَنْسَى عَهْدَ آبَائِكَ ٱلَّذِي
أَقْسَمَ لَهُمْ عَلَيْهِ» (التثنية ٤: ٢٩ - ٣١).
عندما يقرأ إنسان مكتف بحياته راضٍ عنها، ناسياً لخطاياه، مثل هذه الكلمات مئات المرات، فلن تعني الكثير بالنسبة له. أما أنا، وبسبب قلقي على مصيري الأبدي، فقد بعثت هذه الكلمات فيَّ أملاً جديداً، وقادتني إلى دراسة أعمق للكتاب المقدس. وبدأت الدراسة، لا بالنقد البارد، ولا كقراءة اطّلاع لمجرد المعرفة، بل قراءة العطشان إلى مغفرة الله. وقد كلمتني آيات أخرى في الإنجيل المقدس بصوت واضح وعالٍ، مثل «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا ١٩: ١٠). وقول المسيح: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلٰكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ ٱلْمَاءِ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى ٱلأَبَدِ، بَلِ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يوحنا ٤: ١٣، ١٤).
وقول المسيح:
«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ ٱللّٰهُ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيَدِينَ ٱلْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ ٱلْعَالَمُ» (يوحنا ٣: ١٦، ١٧).
«تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متّى ١١: ٢٨).
وكمسلم كنت أعلم أن المسيحيين منحرفون عن الصواب، لأنهم يؤمنون أن المسيح هو ابن الله، وأنه صُلب فعلاً، فليس المسيح أكثر ولا أقل من نبي مرسل من عند الله. وكانت فكرة أن الله يترك نبياً صالحاً كالمسيح ليد أعدائه ليصلبوه فكرة غير معقولة ومرفوضة! ولكن البراهين الكتابية على ما قاله المسيحيون جعلتني أعيد حساباتي. فلماذا يخترع المسيحيون مثل هذه الأفكار غير المعقولة ويتعلّقون بها؟ وهل المسيحيون متخلّفون عقلياً، أو هل هم مصابون بالكبرياء الروحية حتى يعتنقوا مثل هذه المعتقدات غير المعقولة؟ وقلت لنفسي: من الصواب أن يستمع الإنسان إلى آرائهم ويقرأ كتبهم، ويجعل كتابهم المقدس يدافع عن نفسه بما يقوله، بدلاً من أن نقول له ما يجب أن يعلنه وما لا يجب. إن الكتاب المقدس يقول إن «اَللّٰهَ مَحَبَّةٌ» (١يوحنا ٤: ٩، ١٦). فإن كان الله محبة كما يعلن الإنجيل، فلماذا لا يظهر شخصياً في عالم يحتاج إلى محبته احتياجاً شديداً؟ لقد ارتفعت محبة الله إلى أسمى مستوى عندما نزلت إلى أعمق وأحطّ مستوى، لتعلن رسالة فرح للنفوس الخاطئة البعيدة عن الله! إن كلمة «إنجيل» تعني أخبار مفرحة، والخبر المفرح هو أن الله يحب البشر. ويقول الإنجيل المقدس في ذلك:
«فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. هٰذَا كَانَ فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ، وَٱلْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ ٱلنَّاسِ، وَٱلنُّورُ يُضِيءُ فِي ٱلظُّلْمَةِ، وَٱلظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا ١: ١ - ٥، ١٤).
وكلمات الإنجيل هذه تقول: إن المسيح كلمة الله الأزلي صار إنساناً. وككلمة الله يمكن أن نسميه «ابن الله». «كلمة الله» صار «يسوع» المولود من العذراء القديسة مريم بقوة الروح القدس. لقد كان وجود المسيح «كلمة الله وابنه» مستقلاً عن العذراء مريم. فإن كلمة الله، ابن الله، كان موجوداً من قبل وجود العذراء مريم. لكنه من رحمها أخذ جسداً. وهكذا وبطريقة لم يسبقه إليها أحد، ولم يلحقه بها أحد، أصبح ابن الله ابن مريم. والمسيحيون، شأنهم شأن المسلمين، يعتقدون أن بنويّة المسيح لله بنوية روحية. وأي خاطر عن صلة جنسية في هذه البنوية كفر مبين. وإني اليوم، بعد أن صرت مسيحياً، لا أجد أي مشكلة في أن أتلو سورة الإخلاص، لأني، شأني شأن غيري من المسيحيين، أومن أن الله واحد، وأنه لم يتزوج، وأن كون المسيح ابناً لله لا يعني عدم وحدانية الله. بالعكس، فإنه بحسب الكتاب المقدس تكون بنويّة المسيح لله برهاناً على وحدانية الله.
ولما كان الله محبة، ومحبة مقدسة، فإن صليب المسيح يصبح أمراً معقولاً. ولنتأمل في الآيات الثلاث التالية:
«بِهٰذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ ٱللّٰهِ فِينَا: أَنَّ ٱللّٰهَ قَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هٰذَا هِيَ ٱلْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا ٱللّٰهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ٱبْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا» (١يوحنا ٤: ٩ ، ١٠).
«ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية ٥: ٨).
والإنسان الطبيعي، الذي يفكر بالفطرة، يحتقر الخطاة ويكرههم. ولكننا جميعاً نستثني أنفسنا من هذه الكراهية! فعندما أخطئ لا أحتقر نفسي. ولكني أحاول أن أحبها وأغفر لها. وهكذا الأمهات، فالأم تحب ابنها مهما أخطأ ومهما انحرف، وهي تأمل دوماً في إصلاح أمره. إنها تكره أفعاله الشنيعة، لكنها لا تكرهه هو!
وحب الله لنا أعظم من ذلك، سبحانه! لذلك يقول نبي الله داود: «إِنَّ أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَٱلرَّبُّ يَضُمُّنِي» (مزمور ٢٧: ١٠).
صحيح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى. فالقرآن والإنجيل متقفان معاً على هذا، بل إن الكتاب المقدس يقول إن الإنسان المخطئ لا يستطيع أن يتحمل أخطاء نفسه. أما الله فيستطيع. ويقول الكتاب المقدس إنه بواسطة صليب المسيح فعل الله هذا الأمر نفسه. وصار صليب المسيح وسيلة الله لإعطائنا مغفرة خطايانا، وتغيير قلوبنا، ومنحنا حياة جديدة. ويوضح صليب المسيح لنا شناعة خطيتنا ووزرها وثقلها الذي ينقض ظهورنا، كما يبيّن لنا نتائجها الجهنمية، وتكلفتها العظيمة علينا وعلى الله نفسه. في صليب المسيح نجد قداسة الله ومحبته يتعانقان معاً. فلم يقف الله متفرجاً على المأساة التي وقع فيها البشر جميعاً وماتوا، لكن حبه جعله يشترك في هذه المأساة فيدفع الثمن، لذلك قال المسيح إنه جاء فدية عن كثيرين. «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مرقس ١٠: ٤٥). ويقول رسول المسيحية بولس: «ٱلْكُلُّ مِنَ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ ٱلْمُصَالَحَةِ» (٢كورنثوس ٥: ١٨).
وبعد صلب المسيح ودفنه حدث عمل عظيم من أعمال الله، ففي اليوم الثالث قام المسيح من الأموات. وبالقيامة أعلن الله أن الصليب هو طريقه لخلاص البشر. ويكتشف كل قارئ للإنجيل المقدس أن الصليب والقيامة هما قلب الخبر المفرح الذي أعلنه الله للعالم، وبدونهما لا يكون الإنجيل خبراً مفرحاً. أما إن قبل القارئ هذا الخبر أو رفضه فهذا شأن القارئ وحده. يطلب اليهود آيات، ويبحث اليونانيون عن الحكمة. ولكننا نحن نبشر بالمسيح مصلوباً، مما يشكل عائقاً عند اليهود بأن إلهنا ضعيف، وعائقاً عند الأمم بأن إيماننا غير معقول! وأما عند «المدعوّين» سواءً من اليهود أو اليونانيين فإن المسيح هو قدرة الله وكلمة الله «لأن جهالة الله أحكم من البشر، وضعف الله أقوى من البشر» (١كورنثوس ١: ٢٢ - ٢٤).
وإني كمسلم أستطيع أن أتفهم موقف المسلمين من فكرة بنوّة المسيح لله، وصلبه. فقد ظهرت لي الفكرتان غريبتين ومرفوضتين تماماً. إلا أني بعد قراءة متعمقة للكتاب المقدس انذهلت، ولا زلت مذهولاً.
لقد ألقى
شعوري بقداسة الله ومحبته، وإحساسي بخطيتي ضوءاً جديداً على علاقتي بالله،
وعلى علاقة الله بي. ولم يكن قراري باتِّباع المسيح وطلب المعمودية قراراً
سهلاً، لكنه جاء نتيجة جهد عقلي وروحي. وعندما اتخذت هذا القرار لم أكن
أعمى عن نتائجه في عائلتي ومجتمعي. ولكن بالرغم من التكلفة العظيمة عرفت أن
السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب، وتوبتي كانت عودتي إلى حيث يجب أن أكون، إلى
أبي السماوي، فألقيت بنفسي في أحضان رحمته (لوقا ١٥). لقد كانت القصص التي
رواها المسيح عن الدرهم المفقود والخروف الضال، والابن الضال في هذا
الأصحاح العظيم من الكتاب المقدس (لوقا ١٥) قصتي أنا شخصياً! إنها رواية
حياتي، وسجل علاقتي بالله - فكيف أصف صورة حياتي بأنها غير معقولة
ومنسوخة، وأن هناك ما يعلو عليها؟
عندما يقرأ إنسان مكتف بحياته راضٍ عنها، ناسياً لخطاياه، مثل هذه الكلمات مئات المرات، فلن تعني الكثير بالنسبة له. أما أنا، وبسبب قلقي على مصيري الأبدي، فقد بعثت هذه الكلمات فيَّ أملاً جديداً، وقادتني إلى دراسة أعمق للكتاب المقدس. وبدأت الدراسة، لا بالنقد البارد، ولا كقراءة اطّلاع لمجرد المعرفة، بل قراءة العطشان إلى مغفرة الله. وقد كلمتني آيات أخرى في الإنجيل المقدس بصوت واضح وعالٍ، مثل «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا ١٩: ١٠). وقول المسيح: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلٰكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ ٱلْمَاءِ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى ٱلأَبَدِ، بَلِ ٱلْمَاءُ ٱلَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ» (يوحنا ٤: ١٣، ١٤).
وقول المسيح:
«لأَنَّهُ هٰكَذَا أَحَبَّ ٱللّٰهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ ٱللّٰهُ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِيَدِينَ ٱلْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ ٱلْعَالَمُ» (يوحنا ٣: ١٦، ١٧).
«تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متّى ١١: ٢٨).
وكمسلم كنت أعلم أن المسيحيين منحرفون عن الصواب، لأنهم يؤمنون أن المسيح هو ابن الله، وأنه صُلب فعلاً، فليس المسيح أكثر ولا أقل من نبي مرسل من عند الله. وكانت فكرة أن الله يترك نبياً صالحاً كالمسيح ليد أعدائه ليصلبوه فكرة غير معقولة ومرفوضة! ولكن البراهين الكتابية على ما قاله المسيحيون جعلتني أعيد حساباتي. فلماذا يخترع المسيحيون مثل هذه الأفكار غير المعقولة ويتعلّقون بها؟ وهل المسيحيون متخلّفون عقلياً، أو هل هم مصابون بالكبرياء الروحية حتى يعتنقوا مثل هذه المعتقدات غير المعقولة؟ وقلت لنفسي: من الصواب أن يستمع الإنسان إلى آرائهم ويقرأ كتبهم، ويجعل كتابهم المقدس يدافع عن نفسه بما يقوله، بدلاً من أن نقول له ما يجب أن يعلنه وما لا يجب. إن الكتاب المقدس يقول إن «اَللّٰهَ مَحَبَّةٌ» (١يوحنا ٤: ٩، ١٦). فإن كان الله محبة كما يعلن الإنجيل، فلماذا لا يظهر شخصياً في عالم يحتاج إلى محبته احتياجاً شديداً؟ لقد ارتفعت محبة الله إلى أسمى مستوى عندما نزلت إلى أعمق وأحطّ مستوى، لتعلن رسالة فرح للنفوس الخاطئة البعيدة عن الله! إن كلمة «إنجيل» تعني أخبار مفرحة، والخبر المفرح هو أن الله يحب البشر. ويقول الإنجيل المقدس في ذلك:
«فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ. هٰذَا كَانَ فِي ٱلْبَدْءِ عِنْدَ ٱللّٰهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ، وَٱلْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ ٱلنَّاسِ، وَٱلنُّورُ يُضِيءُ فِي ٱلظُّلْمَةِ، وَٱلظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ. وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً» (يوحنا ١: ١ - ٥، ١٤).
وكلمات الإنجيل هذه تقول: إن المسيح كلمة الله الأزلي صار إنساناً. وككلمة الله يمكن أن نسميه «ابن الله». «كلمة الله» صار «يسوع» المولود من العذراء القديسة مريم بقوة الروح القدس. لقد كان وجود المسيح «كلمة الله وابنه» مستقلاً عن العذراء مريم. فإن كلمة الله، ابن الله، كان موجوداً من قبل وجود العذراء مريم. لكنه من رحمها أخذ جسداً. وهكذا وبطريقة لم يسبقه إليها أحد، ولم يلحقه بها أحد، أصبح ابن الله ابن مريم. والمسيحيون، شأنهم شأن المسلمين، يعتقدون أن بنويّة المسيح لله بنوية روحية. وأي خاطر عن صلة جنسية في هذه البنوية كفر مبين. وإني اليوم، بعد أن صرت مسيحياً، لا أجد أي مشكلة في أن أتلو سورة الإخلاص، لأني، شأني شأن غيري من المسيحيين، أومن أن الله واحد، وأنه لم يتزوج، وأن كون المسيح ابناً لله لا يعني عدم وحدانية الله. بالعكس، فإنه بحسب الكتاب المقدس تكون بنويّة المسيح لله برهاناً على وحدانية الله.
ولما كان الله محبة، ومحبة مقدسة، فإن صليب المسيح يصبح أمراً معقولاً. ولنتأمل في الآيات الثلاث التالية:
«بِهٰذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ ٱللّٰهِ فِينَا: أَنَّ ٱللّٰهَ قَدْ أَرْسَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ إِلَى ٱلْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ. فِي هٰذَا هِيَ ٱلْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا ٱللّٰهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ٱبْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا» (١يوحنا ٤: ٩ ، ١٠).
«ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا» (رومية ٥: ٨).
والإنسان الطبيعي، الذي يفكر بالفطرة، يحتقر الخطاة ويكرههم. ولكننا جميعاً نستثني أنفسنا من هذه الكراهية! فعندما أخطئ لا أحتقر نفسي. ولكني أحاول أن أحبها وأغفر لها. وهكذا الأمهات، فالأم تحب ابنها مهما أخطأ ومهما انحرف، وهي تأمل دوماً في إصلاح أمره. إنها تكره أفعاله الشنيعة، لكنها لا تكرهه هو!
وحب الله لنا أعظم من ذلك، سبحانه! لذلك يقول نبي الله داود: «إِنَّ أَبِي وَأُمِّي قَدْ تَرَكَانِي وَٱلرَّبُّ يَضُمُّنِي» (مزمور ٢٧: ١٠).
صحيح أنه لا تزر وازرة وزر أخرى. فالقرآن والإنجيل متقفان معاً على هذا، بل إن الكتاب المقدس يقول إن الإنسان المخطئ لا يستطيع أن يتحمل أخطاء نفسه. أما الله فيستطيع. ويقول الكتاب المقدس إنه بواسطة صليب المسيح فعل الله هذا الأمر نفسه. وصار صليب المسيح وسيلة الله لإعطائنا مغفرة خطايانا، وتغيير قلوبنا، ومنحنا حياة جديدة. ويوضح صليب المسيح لنا شناعة خطيتنا ووزرها وثقلها الذي ينقض ظهورنا، كما يبيّن لنا نتائجها الجهنمية، وتكلفتها العظيمة علينا وعلى الله نفسه. في صليب المسيح نجد قداسة الله ومحبته يتعانقان معاً. فلم يقف الله متفرجاً على المأساة التي وقع فيها البشر جميعاً وماتوا، لكن حبه جعله يشترك في هذه المأساة فيدفع الثمن، لذلك قال المسيح إنه جاء فدية عن كثيرين. «لأَنَّ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مرقس ١٠: ٤٥). ويقول رسول المسيحية بولس: «ٱلْكُلُّ مِنَ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَأَعْطَانَا خِدْمَةَ ٱلْمُصَالَحَةِ» (٢كورنثوس ٥: ١٨).
وبعد صلب المسيح ودفنه حدث عمل عظيم من أعمال الله، ففي اليوم الثالث قام المسيح من الأموات. وبالقيامة أعلن الله أن الصليب هو طريقه لخلاص البشر. ويكتشف كل قارئ للإنجيل المقدس أن الصليب والقيامة هما قلب الخبر المفرح الذي أعلنه الله للعالم، وبدونهما لا يكون الإنجيل خبراً مفرحاً. أما إن قبل القارئ هذا الخبر أو رفضه فهذا شأن القارئ وحده. يطلب اليهود آيات، ويبحث اليونانيون عن الحكمة. ولكننا نحن نبشر بالمسيح مصلوباً، مما يشكل عائقاً عند اليهود بأن إلهنا ضعيف، وعائقاً عند الأمم بأن إيماننا غير معقول! وأما عند «المدعوّين» سواءً من اليهود أو اليونانيين فإن المسيح هو قدرة الله وكلمة الله «لأن جهالة الله أحكم من البشر، وضعف الله أقوى من البشر» (١كورنثوس ١: ٢٢ - ٢٤).
وإني كمسلم أستطيع أن أتفهم موقف المسلمين من فكرة بنوّة المسيح لله، وصلبه. فقد ظهرت لي الفكرتان غريبتين ومرفوضتين تماماً. إلا أني بعد قراءة متعمقة للكتاب المقدس انذهلت، ولا زلت مذهولاً.
- هل يدرك المسلمون أن المسيحيين يقدمون فكرة بنوية المسيح لله بطريقة تختلف تماماً عن الطريقة التي يقدمها القرآن بها؟
- هل حقاً يرفض القرآن أن المسيح قد صُلب؟ وهل حاول المسلمون أن يدركوا معنى الصليب أو الهدف الكامن وراءه في نور قداسة الله ومحبته للبشر؟ وعندما يرفض المسلمون الأفكار الكتابية الأساسية، فهل يدركون ما يرفضونه؟ وهل يستطيعون أن يوضِّحوا لماذا يرفضون ما يرفضونه؟
أقول
الصدق عندما أؤكد أن للقرآن ديناً في عنقي. لقد درسته بجدّية وتعلمت منه
الكثير، كما لا زلت أتعلم منه. لكن سؤالي هو: هل دَرْس كتابٍ منزل غير
القرآن أمر ممنوع؟ شعرت في حالتي أن القرآن يقودني تلقائياً إلى الكتب
الموحى بها التي سبقته. ولقد اكتشفت في الكتاب المقدس ما أصبح بالنسبة لي
المعنى الأسمى للآية القرآنية التي تقول:
«هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ
عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى
ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ» (سورة الحديد ٥٧: ٩).
ليست هناك تعليقات: