الله اختارني للحياة الأبدية - 6

الفصل السادس: صراع مع مجتمعي

بالرغم من أنني تأكدت من الحق وثبتُّ فيه، وكنت مستعداً أن أقبل المسيح مخلّصاً شخصياً لي، إلا أني لم أعتمد بطريقة رسمية، بسبب تأثير مجتمعي الذي كان عائقاً لي. وكان الخوف والقلق يسيطران عليَّ. ولقد وجدت أن كثيرين يعلنون استعدادهم لقبول المسيح مخلّصاً، ولكنهم يتعثرون بسبب تأثير مجتمعهم، ولأنهم خائفون من إغضاب والديهم، وقد يخافون أن يخسروا وظائفهم. وأعرف شخصاً تعارك مع خطيبته لأنه أرادها أن تؤمن بالمسيح مثله. نعم! هناك معطلات تمنع الناس من اتّباع المسيح بكل القلب.
وقد نبَّهنا المسيح لتأثير المجتمع (متى ١٠: ١٦- ٢٣ و٣٤ - ٤٠) لأنه سيضطهد تابع المسيح، فقد يكرهه أبواه، وقد تتقطع علاقاته العائلية، وقد تُهَدَّد حياته. ولكن الذين يقبلون المسيح في قلوبهم ليملك على حياتهم سيحصلون على سلامه وسط هذه كلها، وستنصرهم نعمة الله على كل اضطهاد. ولقد اختبرت ضغوط المحيطين بي، ولكن الله منحني طريق النجاة من كل صعوبة.
من سنة ١٩٦١ - ١٩٦٤ كنت أمارس واجبات الديانتين الإسلامية والمسيحية. كنت أذهب للجامع يوم الجمعة وأؤدي الصلوات الخمس يومياً. وكنت أذهب للكنيسة أيام الآحاد. ولم يكن ذهابي للكنيسة عن اقتناع، بل لدرس الحق. ولقد سمعت من غير مسيحيين يصفون المسيحيين بأنهم عابدو أصنام، من تماثيل وصور. ولذلك زرت كنائس كثيرة في جاكرتا أيام الآحاد، وكنت أحياناً أزور أكثر من كنيسة كل يوم أحد، لأرى إن كان المسيحيون عابدي أوثان أمام التماثيل والصور. وأخيراً اكتشفت أن شكوكي كانت بغير أساس، فلم تكن في الكنائس التي زرتها أي عبادة وثنية.
منذ عام ١٩٦٤ امتلأت نفسي من روح الرب، روح الحق، فقررت أن أقبل المسيح مخلّصاً لي بكل القلب. ولكن كان عندي ضعف: لم أقدر أن أعلن إيماني علانية، وحافظت على إيماني سراً، وزرت عدة كنائس طالباً معموديتي في الخفاء حتى لا تعرف عائلتي ولا أصدقائي ولا حتى زوجتي بذلك. ولكن الكنائس رفضت معموديتي، لأن المعمودية لا تتم سراً.
وبعد عدّة أسابيع ذهبت إلى القس سابيوليت في كنيسة بيت إيل في جاتينيجارا، وطلبت المعمودية فوافق على ذلك فوراً، على شرط أن أُحضر معي اثنين أو ثلاثة من جيراني المسيحيين، ليكونوا مرشدين روحيين لي في حياتي الجديدة. ولكني لم أوافق على هذا الشرط خوفاً من أن يعرف الناس سر معموديتي، وخصوصاً عائلتي. وخفت أن أدعو زوجتي معي إلى الكنيسة، لئلا تطلب إعلان طلاقي منها على رؤوس الأشهاد. نعم، كنت خائفاً من إجراءات طلاق علني، ولذلك أردت أن أحيا للمسيح سراً.
على أن روحي لم تطق التردد في اتخاذ القرار. لقد عرفت المسيح مخلِّصي، فتوقفت عن تقديم الولاء للديانتين، وبدأت أحضر الكنيسة فقط، ولكني كنت خائفاً من عائلتي، ولم أعرف طريقة للتغلب على هذه المخاوف. ولم أطلب مشورة أحد، وكان صراعي حاداً داخل نفسي. والحمد لله الذي ساعدني في الموعد المناسب لأتغلب على صراعي. لقد كنت متردداً في الحديث مع زوجتي عن تغيير عقيدتي علناً، فجعل الله زوجتي تفتح الموضوع معي، لأن الله أعطاها سلاماً داخلياً وهي ترى أشجار عيد الميلاد تتألق في بيوت جيراننا المسيحيين، وفكرت في كم حياة العائلات المسيحية جميلة مسالمة سعيدة. وشعرَتْ بسلام أكثر مع تراتيل الميلاد وفرحة عيد ميلاد المسيح. وجاءت زوجتي وإحدى بناتي إليَّ تعبّران عن هذه الأحاسيس، وتطلبان أن تكون عائلتنا كلها مسيحية تختبر أفراح الحياة العائلية المسيحية. وكانت هذه هي الفرصة التي طالما انتظرتها!
وفي اليوم التالي - وكان عيد الميلاد - طلبت من القس سابيوليت مرة أخرى أن يعمدنا - كلنا كعائلة قبلت المسيح. فاستجاب لطلبي فوراً وعمدني وزوجتي وسبعة من أولادنا. وكان ذلك يوم ٢٦ ديسمبر ١٩٦٩. وبعد أسبوع واحد طلب ولدنا المعمودية، وكان من فترةٍ قد بدأ يذهب للكنيسة، لكنه كان خائفاً أن أكتشف أمره. وكنت أنا أفعل الشيء نفسه، وكلي خوف أن تعرف زوجتي وأولادي بالأمر! وكأننا كنا نلعب لعبة «الاستغماية». وكم أشكر الله لأن كل أفراد عائلتي قبلوا المسيح مخلصاً ورباً لحياتهم.

بركات كثيرة

بعد أن اعتمدت أنا وعائلتي يوم ٢٦ ديسمبر ١٩٦٩، اختبرت عائلتي أفراحاً ومباهج بعد أن تغيَّرنا، ونلنا بركات كثيرة غيَّرت حياتنا. يقول الرسول بولس: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. ٱلأَشْيَاءُ ٱلْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا ٱلْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً» (٢كورنثوس ٥: ١٧). فعندما يقبل إنسانٌ المسيح مخلصاً له يُجري الله تغييرات في حياته، وتنطبع فيه صورة المسيح، فالكتاب المقدس يقول إن الله خلق الإنسان على صورته (تكوين ١: ٢٧) ونتيجة لهذه الطبيعة الجديدة يتولّد فرح وحب وأشواق مقدسة في قلب المؤمن، فما كان يحبه قبلاً يبغضه الآن، وما كان يبغضه قبلاً يحبه الآن، لأن حياته تغيَّرت. وهذا التغيير واضح حتى يلاحظه المحيطون به، لأن طريق الحياة تغيَّرت، فتتغير كلماته. وما أعظم هذا التغيير!
ولقد أحسست بهذه التغييرات واختبرتها في حياة عائلتي. انتهى الطبع الحاد، وأصبحنا عائلة نحب بعضنا بعضاً. شعرنا في حياتنا الروحية بسلام وسعادة. زالت شكوكنا، وأصبحت نفوسنا مطمئنة عامرة بالفرح. حتى في حياتنا المادية باركنا الله كثيراً. وهذا يبرهن صدق مواعيد الله التي تتحقق في أتباع المسيح: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ ٱلْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ» (يوحنا ٧: ٣٧، ٣٨) وقال أيضاً: «وَأَمّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا ١٠: ١٠).
لقد كان التغيير في عائلتي واضحاً وحدث بسرعة، مما أثار تساؤلات جيراننا، فقد ظنوا أننا تلقَّينا معونة مالية من الكنيسة لنتحوَّل إلى المسيحية، وكانوا يسخرون منا قائلين بعضهم لبعض: «إن أردتم أن تصيروا أغنياء بسرعة، اتبعوا نموذج السيد أمبري، وصيروا مسيحيين، تتلقّوا ملايين الروبيات من الكنيسة». لقد ظنوا أن البركة الروحية التي نلناها جاءت من مساعدة الكنيسة المالية لنا كرشوة لنصبح مسيحيين، وهذا بالطبع لم يحدث إطلاقاً، فلم نأخذ من الكنيسة أي معونة مالية لنصبح مسيحيين. لم نأخذ من الكنيسة ماديات ولا وعدونا بوظيفة، ولكن حياتنا تباركت من كرم الله الذي وعد كل من يؤمن به أن ينال بركة وحياة فضلى. بالعكس، فإننا ندفع عُشر دخلنا للكنيسة حسب تعليم الكتاب المقدس في ملاخي ٣: ١٠.

سنواتي المسيحية السلبيَّة

لقد كنت مسيحياً سلبياً من عام ١٩٧٠ - ١٩٧٢ كنت أثناءها مشغولاً بعملي لأربح المال الكافي لإعالة أسرتي. كنت أثناء هاتين السنتين أذهب إلى الكنيسة أيام الأحد واقرأ كتابي المقدس وقت فراغي، ولكن الله بكَّتني على هذا الموقف ثم بدأ الله يوبخني قائلاً: «إن كنت تريد أن تكون مسيحياً فلا يكفي أن تكون بهذه المواقف السلبية، تجلس كسولاً تتمتع ببركات الله التي ملأت حياتك. إنك كتلميذ للمسيح يجب أن تقوم بشهادة واضحة له تخبر الآخرين فيها بإنجيل المسيح، كما أمرك في متى ٢٨: ١٩، ٢٠». ولكن كيف أبدأ في تقديم شهادتي علناً لأخبر الآخرين بالإنجيل؟ لقد كنت موافقاً على أن أفعل ذلك، لكني لم أكن أعرف كيف أبدأ. ومرة أخرى فتح لي الله الطريق وهكذا كان
ذات يوم جاء أعزّ أصدقائي من «بنجرماسين» ليقضي الليلة معي. كان صديقاً بكل ما في الصداقة من معان جميلة، وقف إلى جواري دائماً في البأساء والضرَّاء. وعندما كان الجنود الهولنديون يلقون القبض على الناس كنا نلتقي في السجون معاً. وحيَّاني صديقي كالمعتاد لأنه لم ير في بيتنا أية علامات على أننا أصبحنا مسيحيين. ولما ألقى السلام عليَّ قائلاً: «السلام عليكم» أجبته «وعليكم السلام». كان قد سمع من أصدقائه أني صرت مسيحياً، ولكنه قال: «إن هذا مستحيل» حتى أنه أقنع كثيرين من الجيران بصدق حكمه وهو يقول لهم: «لقد عرفتُ صديقي همران أمبري معرفة جيدة، ليس فقط في جاكرتا، لكن في بنجرماسين أيضاً. إنه ليس مؤمناً مسلماً عادياً فقط، لكنه شخص يدرك معنى إيمانه. لقد كان في محافظتنا محارباً مسلماً، وكان دوماً ضد المسيحيين، وواحداً من قادة طائفة المحمدية، كما أنه كان صحفياً مسلماً وواعظاً معروفاً في المنطقة الوسطى من بلادنا، وفي شرق كالمنتان، ثم أنه كان عضواً في البرلمان الإسلامي لكالمنتان في أمونتاي سنة ١٩٤٧. لقد كان همران أمبري واحداً من دعاة الإسلام حتى عيَّنه الجيش الإندونيسي الوطني رئيساً للوعاظ في الجيش. إني مقتنع أن همران أمبري لن يغيّر دينه الإسلامي إلى المسيحية». ولكن أحد جيرانه أقنعه أن أهل قريتي رأوني أذهب إلى الكنيسة بانتظام، وأزيّن شجرة عيد الميلاد بمناسبة عيد ميلاد المسيح، وطلبوا منه أن يوجّه إليَّ سؤالاً مباشراً عن ذلك، لكي أبيِّن له الموقف. وعندما جاء صديقي لزيارتي وجَّه لي سؤالاً مباشراً إن كنت قد صرت مسيحياً فعلاً. فأجبته: «بغير شك. هذا صحيح. أنا وكل عائلتي نلنا نعمة المعمودية». وعندما سمع إجابتي بكى وشعر بالأسى لأنه أدرك أن كارثة قد حلَّت، لأنه لم يكن قادراً على فعل أي شيء. فوقف لحظات ثم غادر البيت. وبعد أن وصل إلى بنجرماسين أخبر أهله بأخباري، فانتشرت الأخبار حتى نشرتها صحيفة «هاريان أوتاما» وكتب صديقي الصحفي المسلم في العاصمة واسمه «أرسياد ماران» بالحروف الكبيرة في جريدته يقول: «عَلَمٌ معروف في الحركة صار مسيحياً». وقال الخبر «عَلم من أعلام الحركة المحمدية في الثلاثينات كان يوماً رئيس تحرير الجهاد». أما السيد أنتيماس فقد كتب يقول: «تنصير علَم من أعلام المحمدية إلى المسيحية. خبر غريب!». وصحفي آخر اسمه «أرثوم أرثا» قال: «نرجو أن تكون الأخبار خاطئة، فإن إيمان همران أمبرى أحد أبطال الاستقلال لا زال موضع الشك». ولقد كانت ردود فعل المسلمين في بنجرماسين متحيّزة. قالوا إن المشاكل الاقتصادية الحالية يمكن أن تجعل إنساناً يغيّر دينه. ولكنهم لم يذكروا اسمي. حتى الجامعة الإسلامية I.A.I.N أنتساري نشرت أخبار تنصيري، ولكن سكرتير الجمعية المحمدية في بنجرماسين أنكر أني «واحد من أعلام الجماعة» لكني «مجرد محارب مسلم».
ولقد كان الهدف من نشر أخبار تنصيري في هذه الجرائد الإسلامية إشعاري بالخجل وعودتي إلى الإسلام. لكن إرادتهم كانت تختلف عن إرادة الله، فقد استخدم الله هجومهم هذا ليحرّك داخلي رغبة أن أصبح مسيحياً فعَّالاً أقدم شهادتي لحقِّ ألوهية المسيح.
وبسبب ما نُشر في هذه الصحف صار تنصيري موضوع مناقشات بين الجميع. وهدَّدني كثيرون بالقتل، بل أن بعض أصدقائي ظنوا أن الذين نشروا أخبار تنصيري كاذبون، فأرادوا أن يقتلوهم، ولذلك سارعتُ بكتابة خطاب مفتوح أعلن فيه إيماني، نشرته جريدة «هاريان أوتاما» في بنجرماسين قلت فيه:
خطاب مفتوح إلى قرّاء «هاريان أوتاما»
جاكرتا في ٦ مايو ١٩٧٢
السلام عليكم أصدقائي الأعزَّاء، أعترف هنا أنني قد صرت تابعاً للمذهب المسيحي الإنجيلي، فقد تجددت وصرت أحد أعضائه منذ ١٩٦٤. إن الأخبار التي نُشرت في جريدتكم مثيرة حقاً لأنها تصف من تدعونه «واحداً من أعلام الإسلام ومحارباً في سبيل الحرية». وإني شاكر لكل الذين عبَّروا عن مشاعرهم من أصدقاء وصفوني بأني «أحد أعلام الحركة المحمدية، وأحد المحاربين المسلمين». وأنا لم أعتبر نفسي يوماً صاحب مثل هذا الشرف. نعم لقد اشتركت في الماضي في حرب كما قال أصدقائي، ولكن ذلك كان لمجرد قيامي بالواجب نحو بلدي، ولهذا السبب لم أطلب أي لقب في الخدمة كمحاربٍ أو كبطلٍ من أبطال الاستقلال، لأني قمت بمجرد واجبي.
أشكركم يا أصدقائي، وخصوصاً صديقي أرسياد ماران، وأنتيماس وأرثوم أرثا الذين عبَّروا عن مشاعرهم نحوي في ما نشروه. ولا يوجد فيما كتبتموه ما أنكره، ولكني فقط أردت أن أصحّح أني لم أطلب أبداً أن أُعطَى لقباً من ألقاب الاستقلال. وأفيد صديقي أرثوم أرثا أني أرسلتُ إليه «مذكرات إيماني» ليعرف ما جعلني أصبح مسيحياً إنجيلياً. ومهما حدث فسيظل الأصدقاء أصدقاء، وستظل الصداقة الحقيقية باقية لا تنفصم. أشكركم كثيراً وأشكر كل من اهتم وكتب.
صديقكم المخلص همران أمبري

بداية شهادتي الفعالة لحياتي المسيحية

بعد نشر رسالتي المفتوحة جاءتني رسائل كثيرة من أصدقائي في بنجرماسين وهولو سونجاي عامرة بعبارات الأسى، وفيها نصائح وتحذيرات بآيات قرآنية. كما أن البعض سألني عمَّا أدى بي إلى الإيمان بالمسيحية. ولقد دفعتني هذه الرسائل كلها على تسجيل شهادتي المسيحية مكتوبة. كتبتها أولاً على آلة كاتبة كرسائل شخصية، ثم بدأت استخدم الاستنسل (آلة الاستنساخ) لأكتب «مذكرات إيماني» ثم كتبت مقالاً عنوانه «الله والمسيح والروح القدس» وطبعتها في مطبعة. ثم نشرتُ وأكملت ذلك سنة ١٩٧٣. فجاءتني رسائل كثيرة تثير أسئلة وتتعاطف مع ما قلت، ثم بدأت مناقشات ومناظرات بيني وبين من يفتشون عن الإيمان.
ونشرت صحف إسلامية كثيرة هجوماً على إيماني بسبب تلك المناظرات، ونتيجة لذلك جاءتني رسائل من كل نواحي إندونيسيا من بنجرماسين والمناطق الإسلامية من غرب جاوا ووسطها وشرقها، وأيضاً من سومطرة. كما جاءتني رسائل من الخارج، من مصر وماليزيا مثلاً. واستمرت تلك الرسائل نحو ستة أشهر. وهاجم كثيرون المسيحية، فكان لا بد من طبع وثيقة إيماني، فنشرت مراسلاتي مع الآتي اسماؤهم:
  1. هـ .م. يوسف صعيب (وهو صحفي مسلم من «ميدان» مساعد رئيس تحرير مجلة «قِبْله» جاكرتا).
  2. مع صامودي (مدرس للديانة الإسلامية في سلاتيجا).
  3. مع الإمام موسى بروجوسيسويو (وهو محرر مجلة سنودي إسلام في جاكرتا).
  4. مع واهيونو هادي (دار الكتب الإسلامية في جاكرتا).
  5. مع علي يعقوب ماتوندانج (طالب مسلم في القاهرة - مصر).
  6. مع حسن تو (واعظ الجماعة الإسلامية الإندونيسية في دنباسار بالي).
  7. مع إزيف فهمي وآخرين (جماعة من الطلبة المسلمين في سورابايا).
  8. مع م. ا. فضلي (رئيس مسجد أجونج، المسجد الرئيسي في كيماهي - باندونج).
وحتى سنة ١٩٧٩ كنت قد جاوبت آلاف الرسائل لإخوة مسلمين في مختلف أجزاء إندونيسيا، وفي كل يوم كانت الرسائل الآتية تملأني بالتشجيع، لأن أصحابها كانوا يفتشون عن الحق. ويبدو أن إجاباتي أرضَتْهم، كما أن كثيرين زاروني شخصياً. ولما كثر عددهم خصصت مواعيد خاصة لمقابلة طالبي النصيحة بخصوص الإيمان المسيحي كل يوم ثلاثاء وخميس وسبت، من الصباح حتى المساء. وأشكر الله من أجل كل هذا، فقد استخدمني لأشرح حق الكتاب المقدس وألوهية السيد المسيح لإخوتي المسلمين، ليستطيعوا أن يفهموا المسيح فهماً صحيحاً.
وبسبب إجابة الأسئلة والاعتراضات التي تلقَّيتها وجدت أن عليَّ أن أجلو سوء الفهم بخصوص الكتاب المقدس وألوهية المسيح، ليتضح الحق لمن يطلبه.

بداية خدمة خارجية

ومن ١٩٧٣ حتى فبراير ١٩٧٨ كنت أقدم شهادتي من مكتبي بإجابة الأسئلة، ثم نشرت إجاباتي في كتب. وفي فبراير ١٩٧٨ صليت إلى الله قائلاً: «يا رب، أرجوك أن تعطي هذه الحركة ميداناً جديداً، لأن ميدان المراسلات كاد يتوقف». وهنا تلقيت إجابة في قلبي في اليوم التالي أني يجب أن أخرج من بيتي لأجد لنفسي حقلاً جديداً شهادةً للمسيح، فخرجت دون أن أعرف وجهتي حتى وصلت إلى الشارع الرئيسي، فطلبت من الله أن يوجّه خطواتي. فقالت روحي لي أن أتَّجه شمالاً، فاتَّجهتُ شمالاً دون أن أعرف إلى أين أمضي. وظللت أمشي على قدميَّ، فوجدت نفسي أمام «معهد درس الكتاب المقدس في إندونيسيا». فطلب الرب مني أن أدخل المكتب. وكان الشك يملأ نفسي لأني لم أكن أعرف أحداً بالداخل معرفة جيدة. نعم كان هناك القس ب. بروبو وينوتو، لكنه كان قد انتقل إلى «سالتيجا». على أني دخلت المكتب، ولا أعلم مع من أتكلم ولا ماذا أقول. ولكن نفسي أجبرتني على الدخول. وعرفني أحد الأصدقاء فقال لي: «يا سيد أمبري، المجد لله! يا له من إرشاد! يريد شخص أن يتحدث إليك». وقادني للقاء القس م. ك. جاكراتمادجا، وكان قد سمع عني وأراد أن يقابلني. وكم تباركت من الحديث معه. ثم طلب شراء بعض كتبي. وسألت نفسي إن كان هذا هو الحقل الجديد الذي أعمل فيه، ولكن روحي لم تقتنع. وأردت أن أرجع إلى بيتي، ولكن روحي دفعتني أن أستمر سائراً في اتجاه الشمال. فأخذت أسير إلى أن وقفت أمام مبنى ديني قالت لي روحي أن ألتقي فيه بالقس الدكتور بورمز. وتساءلت: أكلمه وأنا لا أعرفه من قبل، كما أنه لا يتبع طائفتي الجديدة؟! وكنت قد التقيت به منذ ثلاث سنوات لقاءً عابراً، ولكن الروح أمرني أن أدخل. وفي تردد وقفت لحظات، وإذا بالقس بورمز يراني، فيُقبل نحوي مهللاً يقول: «أهلاً يا سيد أمبري. كنت مشغولاً بك منذ الأمس، وفكرت فيك. وهناك ما أريد أن أناقشه معك، فربما نستطيع أن نشتغل معاً». واندهشت كيف يذكرني القس بورمز؟ لم يسبق أن تعارفنا عن قرب. ولكني تذكرت صلاة ذلك اليوم! لا بد أن الروح القدس قادني للحضور إلى هنا. ولا بد أن الله يدعوني إلى خدمة في ميدان جديد.
ودُعيت يوم الجمعة التالي أن أحضر إلى «فندق إندونيسيا» لألتقي بمجموعة وعاظ يريدون أن يتعرفوا عليَّ. وفي يوم الجمعة ٢٤ فبراير ١٩٧٨ ذهبت إلى فندق إندونيسيا لأحضر اجتماعاً يعقده رجال الأعمال من جاكارتا. وعندما قدَّموني إلى الحاضرين ظهر أن كثيرين منهم سمعوا عني، وأرادوا أن يقابلوني شخصياً. ومنذ ذلك الوقت بدأوا يدعونني لأعظ في اجتماعات بيوت تابعة لكنائس مختلفة. وبدأت أقدم شهادتي في كنائس في جاكرتا وباندونج وحولهما، مع زيارات لجنوب كلمنتان ووسطها وشرق جاوا، وغيرها. وهكذا بدأتُ خدمة كبيرة بعيداً عن مكتبي. وبالطبع لم تتوقف المراسلات، بل بالعكس زادت وأشكر الله على ذلك، لأن الرسائل تجلب لي بركات كثيرة من الذين يفتشون على الحق.

لقد بارك الله خدماتي:

في ١٣ مايو ١٩٧٩ طُلب إليَّ في رسالة مكتوبة أن أشترك في مناظرة في جامع دار السلام من شارع بتنغاري في جاكرتا، موضوعها «ألوهية المسيح». ويشترك في المناظرة من الجانب الإسلامي الدكتور «أبو نيامين روهام» و «ساني أردي». وكان عدد الحضور مئة من مدرّسين وطلبة. وسمحوا لي فقط بالإجابة على الأسئلة التي تُوجَّه لي. وكانت النتيجة طيبة والروح صدوقة. وانتهى الاجتماع بأن سلَّمنا بعضنا على بعض.
وفي ٢٢ يوليو ١٩٧٩ استمرت المناظرة بيني وبين عديد من القادة المسلمين من «مجلس العلماء». وكان موضوع المناظرة «الله القدير واحد أو ثلاثة». وناظرني عشرة من العلماء، أمام مئة وخمسين من القادة والمعلمين المسلمين. وفي خلال شهرين (بعد ١٥ أغسطس) زرت عدة أماكن خارج جاكرتا، ثم في غرب وشرق جاوا، ثم امتدت خدمتي إلى كل أنحاء بلادي، أناظر علماء المسلمين وأشرح وجهة نظري الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.